«عمال النظافة».. أيادٍ معذبة في الطريق لا يعرف الناس عن مآسيهم شيئا 2022

بشر مثل كل الإنس، أطلقتهم «الحوجة» وقلة ذات اليد إلى الطرقات والشوراع، يرفعون أحمالا وأطنانا من المخلفات والحجارة والتراب، تلفح وجوههم أشعة الشمس المحرقة في النهار ويسد أنوفهم الغبار، ويغزو الرياح لمنخض الحرارة أجسادهم فى الظلام، وبين ذاك وذاك تقتلهم نظرات المجتمع التي تخترق أجسادهم الضعيفة فتزيدها وهنا على وهن، لينتهي كل هذا بجنيهات ضئيلة لا تكاد تسد رمق جوعهم أو إغلاق احتياجات من يعولون.

المحادثة هنا ليس على قوم غريبين عن المجتمع، فكل يوم ترمق أعيننا «عامل نظافة» لم نفكر يوما أن نرى مأساة جسمها الواقع وفرضتها الحياة على عامل يقيم من دون أي مظلة حكومية تصونه سوء الأقدرا أو نوائب الوقت، كل سلاحه في الحياة هي عصاة تقف على مكنسة يجر بها بقايا مواطنين غيره، وفضلا عن ذاك كله فيرمى له فتات من الثروات أحدث يومياً.

«مدخل أنباء اليوم» عاشت بين «عمال النظافة»، لتنقل مآسيهم وظروفهم العملية والمعيشية التي اضطرت بعضا من ضمنهم إلى التسول، وآخرون افترشوا الأرض ليهنئوا بالنوم ساعة أو ساعتين وسط الطريق ليواصلوا المجهود بأكثر من 16 ساعة في اليوم، والبعض الآخر زهقت أرواحهم وهم ممسكين بـ«المقشة» فراحوا معتدى عليه واقع شرس ولم تتحصل أسرهم حتى على عرق يومهم الذين أغتيلوا فيه.

وبالنظر إلى الظرف المنخفضة التى يسكن بها عامل النظافة من تضاؤل المرتب ومحدودية الإمكانات ووسائل الاطمئنان، نرصد الكثير من المشاكل التي إستلم على أكتافهم أحمالاً أخرى لا يعرفها واحد من، فهناك تسخير جلي من قبل الموردين الذين تتعاقد بصحبتهم جمعية النظافة لتشغيل العمال في الشوارع.

وللتعرف على الحكاية من البدء؛ فمن هو ذاك «المورد»؟ هو الواحد صاحب المسئولية عن تشغيل عمال النظافة، أدرك لا تربطهم أي عقود أو تعاقدات مع جمعية نظافة القاهرة عاصمة مصر، وإنما مثل «الأجير» الذي يجيء به «المورد» بهدف الشغل، من دون أي إتفاق مكتوب أو حماية صحي أو اجتماعي أو حتى طرق سلام خلال الجهد.

وفوق كل ذاك؛ فقوت يوم عامل النظافة في يد «المورد» الذي يتلاعب بأموال المصلحة في بعض الأحيانً ضارباً إبداء الحائط بمصلحة العمال الذين يُرمى لهم الفتات.

«مدخل أنباء اليوم» تكشف في التحري الآتي مكابدة ومشكلات عمال النظافة من داخل محافظة القاهرة عاصمة مصر الذين تلاحقهم دوماً اتهامات الإهمال والتسيب وتركك المخلفات أكواماً في شوارع المحافظة، دون أن يعلم واحد من المكابدة التى تعيشها تلك الصنف وما تجابهه من إهدار للحقوق يرقى إلى «تسخير الإنس».

في وسط شوارع العاصمة المصرية القاهرة؛ وتحديدًا في حي بلدة نصر – الشريان الحيوي بالعاصمة-يقف رجل ظهرت فوق منه إشارات قسوة الوقت وتجاعيد وجهه تثبت أن المكابدة والحياة الشاقة التي يعيشها، «إبراهيم أحمد» 61 عاماً يمسك بمكنسته ويقوم بتنظيف الشارع ويقول إنه يعمل في تلك الحرفة منذ عام تقريبًا، بعدما كان يعمل جدالًا ومع ظهور أنواع عصرية في عالم الطلاء صرت مهنته كالديناصور السقيم وشارفت على الانقراض، وبات هو بصحبتها إلى حد ماً من دون عمل.

ويتابع أن واحد من الأفراد توضيح فوق منه أن يعمل عامل نظافة باليومية، فبدأ في هذه الشغل وهو لا يعلم عنها أي معلومة، إلا أنه اصطدم بمأساة أن منظومة الجهد بالهيئة يكون باليومية من دون إتفاق مكتوب وتأمينات على أرواح العمال، إضافة إلى ذلك المقابل الجوهري الزهيد، فهو يكتسب مرتب بواقع ستين جنيها كل يومً، وفي ختام الشهر يصطدم بالواقع فيتأخر المرتب لمقدار عشرين كل يومً, الأمر الذي يتسبب في مكابدة للعامل الذي يعجز عن غلق احتياجات بيته.

ويشير عامل النظافة حتّى يملك ثلاثة أبناء عامتهم في المراحل التعليمية وأجبر على هذه الشغل بهدف إدخار مصاريفهم اليومية، مؤكدا أن يوميته كانت في السابق 85 جنيها وتم تخفيضها لتصل ستين جنيها مشيراً إلى أن ذاك المبلغ لا يكفي احتياجاته اليومية.

محرمون من الإجازات الأصلية

ويضيف «إبراهيم» أنه لا يقطن مثل الإنس فجميع الإجازات الحكومية يعمل فيها دون مقابل، موجها إلى أن أن الأشهر التي تكون 31 يوما، يعمل في كل أيامها ولا يأخذ أجرًا فوقها وفي وضعية الاعتراض يشطب ابتزازه بالفصل عن الشغل.

أما «محمد عبد العال» 44 عامًا، من داخل محافظة المنوفية، يقول إنه يعمل ورديتن أو أكثر أثناء اليوم بهدف أن يقدم احتياجات منزله، فلديه أربعة أبناء كلهم في المراحل التعليمية، مثلما أنه ينام في الشارع لأنه لا يمكنه السفر كل يومً للمنوفية، فينام ساعتين بالشارع عن طريق افتراش “كرتونة” والنوم أعلاها ثم يستيقظ لإكمال عمله، ملفتا النظر إلى أنه بصرف النظر عن إرجاء القبض الشهري الشهري لهم لا يبقى حماية على حياتهم ويعملون باليومية ومن الممكن أن يتعرض من ضمنهم أي واحد لحادث كدمة ولا يشطب تعويضه.

ويطالب “عبد العال” بأن ينهي إبرام عقود بين المنفعة وعمال النظافة، وأن ينهي الحماية على حياتهم بهدف تخزين كرامتهم في مواجهة المدنيين الذين ينظرون إلينا وكأننا مواطنين درجة ثانية.

رضوض المجهود

ويقول محمد عبد العال أنه يتعرضون لكثير من الرضوض خلال الشغل إذ أنهم يقوموا بتنظيف الشوارع وتفريغ صناديق المخلفات دون وقاية أو تأمين لهم فمن الجائز التعرض لجرح في اليد من الزجاج، مؤكدا أن واحد من زملائه تعرض لحادث تصام عربة منذ 48 ساعةٍ طوال المجهود ومتوقف عن الجهد دون أي عوض.

الشأن لم يوقف لدى هذا الحد لدى عمال النظافة، فكانت الفاجعة الكبرى عن وفاة زميلهم إثر حادث عربة طوال عمله في تطهير الشارع، فيقول أخ عامل النظافة المتوفى “إن شقيقهُ محمد إبراهيم كان يعمل منذ عام في هذه الشغل بهدف إدخار احتياجات منزله وفي ساعة متأخرة من ليل كان يقوم بـ«كنس» الشارع فجاءت عربة مسرعة، فصدمته ولقي وفاته في الحال ولم تحصل عائلته على أي عوض أو حتى أجر يومه وترك خلفه طفلين صغيرين أكبرهما 8 أعوام وزوجة من دون أي دخل لهم.

التسول إجباراً
من منحى أجدد أفاد عامل نظافة رفض ذكر اسمه خوفا على وظيفته إنه كان يعمل في الخردة، وحالَما ضاق فوق منه الشأن إنخرط في إعتياد أداء تلك الوظيفة، وأن أغلب العمال يقبلون الثروات من المدنيين على طريق «الحسنة» نتيجة لـ تأخر دفع المرتبات وضعفها في ذات الوقت، مشيرًا إلى أنه تبطل عن المجهود منذ مرحلة نتيجة لـ مرضه فكان طريح الفراش وبات لا يمكن له أن يمنح حق العلاج.

ويضيف “أن جميع عمال النظافة ليسوا مدربين على الجهد بهذه الشغل، ويجب تدريبهم على أسلوب وكيفية تطهير الشوارع، وتوفير سبل الحراسة لهم، والكشف الطبي طول الوقت، مشيرًا إلى أنه جريح بمرض صدري وبصرف النظر عن ذاك يعمل في النفايات وذلك يترك تأثيرا أعلاه غير أن الأوضاع تجبره على ذاك.

فيما يقول كمال متين 55 عاما، من شبرا الخيمة “إن مرة تلو الأخرى يتعرضون لمضايقات من المدنيين وينظرون إليهم نظرة دونية، مثلما أنهم من وقت لآخر يجبرهم على ترتيب حدائق بيوتهم المختصة على الرغم أن ذلك ليس من اختصاصاتهم إلا أن يخافون الرفض خوفا على ترك الشغل”.

رد المحافظة

شدد أصل من محافظة العاصمة المصرية القاهرة أن المحافظة تقوم باستيراد الممتلكات في مطلع الشهر لجميع الموردين الذين تعقد بصحبتهم بهدف صرفها للعمال في مستهل الشهر مؤكدا في موقف تأجيل المرتّبات يون ذل جراء المورد وليس المصلحة.

وواصل المنبع في إفادات خاصة لـ«منفذ مستجدات اليوم» أن المحافظة طلبت بفعل عقود سنوية لعمال النظافة بهدف توفيق نمط النظافة ملفتا النظر إلى أن الأيدي العاملة اليومية غير أخصائية هي التبرير الأساسي في فشل نسق النظافة في الشوارع.

الإنماء المحلية ترد

من ناحية أخر أفاد د.خالد قاسم معاون وزير الإنماء المحلية إن عمال النظافة في المنظومة القريبة العهد سوف يكون لهم دورا فعالا وسوف يتم تنظيمهم بهدف تفوق المنظومة.

وألحق قاسم في إفادات خاصة لـ«مدخل مستجدات اليوم» أن العمال سوف يتم عمل عقود لهم مع مؤسسات النظافة التي سيحدث أعلاها المناقصة بهدف إستظهار مستحقاتهم ملفتا النظر إلى أنه سوف يتم تقسيمهم إلى عمال الجمع السكني، وعمال نظافة شوارع ، وعمال محطات الوسيطة والمصانع لتصير جمعية.

ونوه معاون وزير الإنماء المحلية حتّى سوف يتم تمرين جميع العمال النظافة في المنظومة الحديثة، مؤكدا أن المؤسسات التي ستعاون مع هيئات النظافة سوف يتم وحط مناقصات فوق منها بهدف أن تكون مسئولة في مواجهة الوزارة لتنفيذ المنظومة ولذا عن طريق كراسة المحددات والقواعد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحتاج للمساعدة في منزلك؟ إترك الأمر ابو سلمان ! طلب الخدمة
واتساب إتصل الآن